أرشيف رسائل الأحد الشهرية لسنة 2012 |
Monthly Sunday Messages Archive for Year 2012 |
ٍSunday Message Page | Site Map | Home Page |
|
|||||||||
الموضوع : الإرشادُ الرَّسوليُّ ما بعدَ السّينودُس الكنيسةُ في الشَّرقِ الأوسط للبابا بندكتُس السّادس عشر إلى البطاركةِ والأساقفةِ والإكليروسِ والأشخاصِ المكرَّسين والمؤمنين العَلمانيِّين حول الكنيسة في الشَّرق الأوسط، شَرِكة وشَهادة ُ
أعطي
في بيروت، لبنان، في الرّابع عشر من أيلول/سبتمبر 2012
|
|||||||||
|
|||||||||
|
|||||||||
الروزنامة الشهرية |
|||||||||
|
|||||||||
قصة روحية: الخدمة المخفيّة |
|||||||||
|
|||||||||
القصة الروحية للاباء الساليزيان عن موقع جمعية التعليم المسيحي في حلب www.talimmasihi.com |
|
|||||||||||||||
الموضوع : الموضوع: اسحق ويوناتان بين الطاعة والنكران للأب هاني باخوم |
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
الروزنامة الشهرية |
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
قصة روحية: قدمة الذات |
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
القصة الروحية للاباء الساليزيان عن موقع جمعية التعليم المسيحي في حلب www.talimmasihi.com |
July 2012 |
تموز 2012 |
الـعـــدد (101) |
الموضوع :
الفرق اليهودية ايام السيد
المسيح . |
|
|
|
|
الروزنامة الشهرية |
|||||||||||||||
|
|||||||||||||||
قصة روحية: هدية تخرّج. |
|||||||||||||||
|
June 2012 |
حزيران 2012 |
الـعـــدد (100) |
الموضوع : الهوية الكلدانية في الوثائق التاريخية : بحث المطران د. سرهد يوسپ جـمّو |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
الروزنامة الشهرية |
||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||
قصة روحية: القناعة |
||||||||||||||||||
|
ايار -
May |
الموضوع: مريم العذراء في طقس كنيسة المشرق الكلدانية |
||
|
||
|
الروزنامة الشهرية |
||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||
قصة روحية: التضحية |
||
|
نيسان -
April |
البطريركية الكلدانية الكاثوليكية – نظرة موجزة |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الفصل الأول -
جذورها
التاريخية
أسس المسيح
كنيسته على الأرض لتواصل عمله الخلاصي بين البشر وتنشر بشارة الملكوت التي
تولي الناس الفرح والسلام. وامتثالا لوصية ربّنا يسوع المسيح لتلاميذه:
"اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم" (مت 19:28)، انطلق التلاميذ، بعد أن نالوا
موهبة الروح القدس وامتلئوا قوة من العلاء، يجوبون البلدان وينادون ببشارة
المسيح ويدعون الناس إلى الإيمان به.
المسيحية في بلاد ما بين النهرين
لا تتوفر لدينا
وثائق تاريخية عن وقت دخول المسيحية إلى بلاد ما بين النهرين، إلاّ أن
كتابات آباء الكنيسة والتقليد الكنسي تؤكد على أن بلادنا كانت من أولى
البلدان التي توجّه إليها الرسل، أو خلفاءهم الأوائل، لنشر تعاليم المعلّم
الإلهي فيها. ويرى المختصون بالتاريخ الكنسي، استنادا إلى هذه المصادر
عينها، أن المسيحية دخلت هذه البلاد بين نهاية القرن الأول وبداية القرن
الثاني الذي شهد وجود جماعات مسيحية منتشرة في عموم البلاد.
أما عن مبشر بلاد ما بين النهرين، فيروي لنا التقليد الكنسي أن
توما الرسول بشّر أهل هذه الأرض خلال مروره بها وهو في طريقة إلى الهند
للتبشير فيها. ويأتي ذكر توما الرسول بهذا الشكل بدعوى إثبات رسولية
الكنيسة في البلاد، وهو أمر جار في كل الكنائس. إلاّ أن ما توفره المصادر،
من كتابات آباء الكنيسة والتقليد الكنسي، يساعد المختصين على أن يروا أن
المسيحية دخلت إلى هذه البلاد أولا إلى مدينة الرها (أورفا الحالية في
تركيا) على يد مار أدّي الرسول، أحد الاثنين والسبعين تلميذا، حتى أن رئيس
الكنيسة يوصف ب"الجالس على كرسي أدي الرسول". وبعد الرها، كان لأجاي وماري،
تلميذي مار أدي الرسول، الفضل الأساس في نشر المسيحية في باقي أنحاء
البلاد. فقد توجه مار أجاي، إلى بلاد فارس وآشور وأرمينيا والأهواز ثم توجه
شرقا إلى الهند. أما مار ماري، فقد قام بنشر البشارة في ما بين النهرين
الشرقية، حيث اتجه إلى حدياب (أربيل الحالية) ثم انحدر بمحاذاة جبال فارس
إلى بيث كرماي (وتشمل السليمانية وكركوك الحاليتين) ثم ديالى، واتجه بعدها
إلى كشكر (قرب مدينة الناصرية الحالية) ليعود فيصعد ليؤسس كنيسة قطيسفون
وساليق (وهي منطقة المدائن الحالية) ليموت في دير قوني إلى الجنوب من
المدائن، ويترك خليفة له على كرسي قطيسفون ساليق مار فافا الأسقف الذي
سيكون له الدور الفاعل في توحيد الكنيسة في بلاد ما بين النهرين.
تسمية الكنيسة في بلاد ما بين النهرين
انتشرت المسيحية
في بلاد ما بين النهرين شرقي نهر الفرات في أراضي الإمبراطورية الفارسية،
لتمتد نحو الشرق حتى الصين. لذا جاءت تسمية الكنيسة في هذه البلاد نابعة من
هذه الظروف الجغرافية والسياسية، فأطلق عليها اسم كنيسة المشرق نسبة إلى
انتشارها في أرض المشرق وشرقي الفرات، كما أطلق عليها اسم كنيسة بلاد فارس
نسبة إلى انتشارها في الأراضي الواقعة تحت الحكم الفارسي.
نشوء الجثلقة في كنيسة المشرق
انتشرت المسيحية
في بلاد ما بين النهرين، واستقرت خلال ثلاثة قرون، من دون أن تنتظم تحت
رئاسة كنسية واحدة، بل كانت عبارة عن كنائس (جماعات مسيحية) يرأس كل منها
أسقف، وكانت هذه الجماعات ترتبط فيما بينها برابط وحدة الإيمان والليتورجيا
واللغة.إلاّ أن قرب أسقف قطيسفون وساليق من بلاط الإمبراطور الفارسي جعل
هذا الأسقف الأكثر بين الأساقفة المشرقيين احتكاكا بالسلطة المدنية والأكثر
تمريرا للقضايا الكنسية بين يدي الإمبراطور، سواء تلك التي تخص كنيسة
قطيسفون وساليق أو تلك التي تخص الكنائس الأخرى الشقيقة في بلاد فارس.ونظرا
لدور أسقف قطيسفون وساليق هذا، فقد جرت المحاولة الأولى لتوحيد كنيسة بلاد
ما بين النهرين على يد مار فافا، أسقف قطيسفون وساليق، حين لمس الخلل في
الكنيسة ورأى ضرورة تنظيمها وتنظيم الدرجات الكنسية تحت إدارة موحدة يرأسه
هو ذاته كونه أسقف قطيسفون وساليق.أثار مخطط مار فافا هذا اعتراضات شديدة
من قبل باقي الأساقفة، واتهموا مار فافا بالتكبّر والتجبّر، وحاولوا عقد
مجمع كنسي لإقالته وتنصيب مار شمعون برصباعي، رئيس شمامسته، أسقفا بدلا
عنه، وكادوا أن يصيبوا هدفهم هذا لولا أن مار فافا رفع القضية إلى أساقفة
الغرب، وخاصة أسقف الرها. وقد جاء تدخل أساقفة الغرب في صالح مار فافا،
فأبطلوا كل ما قُرر ضده، وتقرر أن يرأس هو كنيسة المشرق، ينظمها ويدير
شؤونها، فكان مار فافا هو أول جاثاليق في كنيسة المشرق (تعود كلمة
الجاثاليق إلى أصل يوناني ويعني "العام" أو "المشرف").وبعد أن
استلم رئاسة الكنيسة، قام مار فافا بإزالة أثار الإنشقاق الذي نشأ بسبب
تصرفات معارضيه، كما
قام بإجراء عدة إصلاحات قانونية فيما يخص تقسيم الأبرشيات وتنظيمها، إلاّ
أن ثمار هذا الإصلاح لم تقطف يانعة إلاّ بعد عشرات السنين مع مجمع مار اسحق
سنة 410. بعد وفاة مار فافا سنة 329، خلفه مار شمعون برصباعي جاثاليقا على
كرسي كنيسة المشرق، فقد ثبتت مسألة الجثلقة فيها لتواصل مسيرتها الرسولية
تحت رئاسة الجاثاليق.
الفصل الثاني - استقلاليتها
وعلاقتها بالكرسي الرسولي
استقلالية كنيسة المشرق
شغلت كنيسة
المشرق رقعة جغرافية كانت تحت الحكم الفارسي، في حين أن الكنيسة الغربية
كانت تحت الحكم الروماني. لم يكن لهذا الأمر أهمية إلاّ بعد مرسوم ميلانو
الصادر سنة 313 (أعلن هذا المرسوم الملك قسطنطين بتشجيع من أمه القديسة
هيلانة. وبموجب هذا المرسوم، أعطيت حرية اعتناق المسيحية وممارسة شرائعها
لمواطني الإمبراطورية الرومانية)، حيث بدأ الفرس ينظرون إلى مسيحيي
إمبراطوريتهم على أنهم جواسيس موالين لأعدائهم الرومان الذين كانوا يرعون
الديانة المسيحية التي كانت قد انتشرت في الإمبراطورية الفارسية، بل
وتغلغلت حتى في البلاط الفارسي. فصار هذا الأمر أحد أسباب اضطهاد المسيحيين
في الإمبراطورية الفارسية.من ناحية أخرى، فرضت الحروب بين الفرس والرومان
على مسيحيي كنيسة المشرق صعوبة الاتصال بإخوتهم الغربيين، الأمر الذي أسهم
في نمو كنيسة المشرق مستقلة إداريا عن كنيسة الغرب. وقد بدا هذا الأمر
واضحا في مجمع اسحق المنعقد سنة 410، والذي نظم الإدارة الداخلية لكنيسة
المشرق، كما أن مجمع داديشوع، المنعقد سنة 424، أكّد ضرورة الاستقلال
الإداري عن الغربيين وأن على أبناء الكنيسة أن يهتموا بها وبأمورها. فهذا
الوضع السياسي المعقد الذي أحاط بكنيسة المشرق أتاح لها، منذ نشأتها، أن
تكون مستقلة إداريا وليتورجيا عن الكنيسة الغربية.أما من الناحية
العقائدية، فلم يكن هناك فرق في بداية نشأة الكنيسة، إلاّ أن ظهور تعاليم
نسطوريوس وانتشارها في كنيسة المشرق عن طريق مدرستي الرها ونصيبين، من
ناحية، ومحاولات المونوفيزيين للتغلغل في كنيسة المشرق، من ناحية أخرى، جعل
أساقفة كنيسة المشرق ومعلّميها يميلون إلى تعليم نسطوريوس. وقد أدى ذلك إلى
الإسهام في تمييز الفرس بين نوعين من المسيحيين: فمسيحيو الإمبراطورية
الفارسية لا يدينون بنفس المعتقد الروماني. لذا يمكن القول: إن الوضع
السياسي كان عاملا في قبول كنيسة المشرق التعاليم النسطورية والانفصال
العقائدي عن الغرب، بالإضافة إلى الدافع الوقائي ضد المونوفيزية.
محاولات الانفتاح الفكري على كنيسة الغرب
لم يكن هذا الوضع
الخاص بكنيسة المشرق سليما تماما. فرغم أنه وفّر للكنيسة استقلالية خاصة
وأعطاها خصوصية بين الكنائس الأخرى، إلاّ أنه لم يخل من سلبيات تمثلت في
العزلة الدينية والروحية عن عموم التيار المسيحي في العالم، وذلك لنفس
الأسباب التي نشأت به كنيسة المشرق مستقلة؛ أي هذا الظرف السياسي والعداء
العميق بين الإمبراطوريتين الفارسية والرومانية.وقد رأى عدد من جثالقة
ومفكري الكنيسة هذا الخلل، بل الخطر المحدق بالكنيسة. ونتيجة لهذه الرؤية،
جرت عبر تاريخ كنيسة المشرق محاولات عدّة للعودة بالكنيسة إلى الخط العام
وإنقاذها من العزلة التي تعيشها. وكانت هذه المحاولات إما على صعيد الفكر
اللاهوتي أو على صعيد العلاقة الرسمية مع كنيسة الغرب.
أولى المحاولات
الفكرية، كانت محاولة حنانا الحديابي الذي كان مديرا لمدرسة نصيبين،
المدرسة اللاهوتية الرسمية لكنيسة المشرق، والذي تولى إدارة المدرسة منذ
سنة 572 حتى وفاته في سنة 610. حاول حنانا أن يُدخل آراء يوحنا فم الذهب
مفضّلا إياها على تعاليم تيودورس المصيصي الذي كان يعد المعلّم الرسمي
لكنيسة المشرق وإليه كانت تستند كافة الطروحات اللاهوتية فيها. إلاّ أن
محاولة حنانا هذه للانفتاح الفكري على الغرب لاقت معارضة شديدة من قبل
رئاسة الكنيسة، فقد حارب هذه المحاولة عدد من الجثالقة منهم إيشوعياب الأول
(582-595) وسبريشوع (596-604).ورغم فشل هذه المحاولة في زمانها، إلاّ أنها
تركت أثرها في نفوس البعض،
الأمر الذي أدى
إلى ظهور مفكرين كبار تمسكوا بتعاليم حنانا وأعلنوها في كتاباتهم مثل يوسف
حزّايا ويوحنا الدلياثي وسهدونا. فقد حاول هؤلاء وغيرهم ربط كنيستهم
بأصولها العريقة ومدّها بما ينعشها ويغذيها ويتيح لها التجدد دوما، ضمن
كنيسة المسيح الشاملة، والتكيّف مع الظروف والأحداث لمواصلة رسالتها في
عالم البشر.
محاولات مبكرة للإتحاد مع روما
أما على صعيد
العلاقة الرسمية بكنيسة الغرب، فقد ادخر لنا التاريخ من الوثائق ما يؤكد
حدوث محاولات مبكرة نسبيا للإتحاد بالكرسي الرسولي في روما. وقد جرت هذه
المحاولات بعد زوال الدولة الفارسية ونشوء الدولة الإسلامية واستقرارها
وبناء علاقات طيبة لها مع جيرانها، مما جعل كنيسة المشرق تنعم بالاستقرار
والسلام وتفكر بتحسين علاقاتها مع باقي الكنائس التي طالما بقيت كنيسة
المشرق شبه منعزلة عنها.وقد جرت أولى المحاولات الرسمية على يد
الجاثاليق سبريشوع الخامس (1226-1256) الذي عُرف بعلمه وقداسته.
وكان سبّاقا في مضمار الوحدة، فأعرب عن رغبته فيها وعن معتقده الميّال إلى
معتقد الكنيسة الجامعة. وقد نقل هذه الرغبة المرسلون الغربيون إلى البابا
أشنسيوس الرابع الذي وجّه رسالة إلى الجاثاليق يهنئه فيها على حقيقة
إيمانه. أجاب الجاثاليق على رسالة البابا برسالة، أوكل كتابتها إلى الربّان
آرا وكيله العام، يشكره فيها ويبدي اعترافه بسلطة الحبر الروماني، كما أرفق
معها رسالة من مشارقة الصين وأخرى تتضمن صورة إيمان رئيس أساقفة نصيبين
إيشوعياب برملكون تحمل توقيعه مع تواقيع مطرانين وثلاثة أساقفة مع صورة
إيمانهم. إلاّ أن الأمر وقف عند هذا الحد، فقد جاء الاجتياح المغولي لينشر
الفوضى والإرهاب في المنطقة... فقضت هذه المحاولة نحبها.وقد جرت
المحاولة الثانية في عهد الجاثاليق يهبالاها الثالث (1281-1317)
بواسطة زميله الربّان صوما سنة 1287، حين أرسله كل من الجاثاليق يهبالاها
الثالث والملك المغولي أرغون مبعوثا إلى البابا نيقولا الرابع وملوك الغرب.
وقد حضي الربّان صوما بإكرام وترحاب البابا الذي زوّده هدايا إلى الجاثاليق
مع رسالة بيّن فيها عقيدة الكنيسة الجامعة ودعا الجاثاليق إلى الانضمام
إليها. ثم توقفت المراسلات عند هذا الحد حتى سنة 1304، حين أرسل الجاثاليق
رسالة إلى البابا بندكتس الحادي عشر بيد الراهب الدومنيكي يعقوب مبيّنا
فيها صورة إيمانه ومبديا طاعته وتعلقه، هو وجميع أساقفته، بالكرسي الرسولي.
إلاّ أن هذه المساعي ذهبت أدراج الرياح، إذ كانت تفتقر إلى دراسات رصينة
شاملة، كما قضت عليها الظروف السياسية ومواقف المغول المتقلبة.أما
المحاولة الثالثة فقد جرت في عهد الجاثاليق شمعون الرابع باصيدي
(1437-1476) من قبل المسيحيين المشرقيين في قبرص. كانت قبرص، كونها
جزيرة يفصلها بحر شاسع عن الشرق الأوسط، ملاذا لكثير من سكان تلك المناطق،
خاصة المسيحيين منهم، هربا من الحروب التي دارت رحاها بين الشعوب الفارسية
والعربية والتركية والمغولية للسيطرة عليها. كما كان فيها جالية مشرقية
تعود إلى السبايا التي جاءت بها قوات الروم من تلك البلاد. أما على الصعيد
الكنسي، فإن مشرقيي قبرص كانوا ينضوون تحت رئاسة أسقفية تابعة لمطرافوليطية
طرسوس التي كانت، بدورها، تتبع أبرشية دمشق. في سنة 1222 توجهت أنظار روما
إلى هؤلاء المسيحيين، فجرت محاولات عديدة لسحبهم إلى الكثلكة. لكن هذه
المحاولات لم تحقق نجاحا يذكر إلاّ في سنة 1445، عندما اقتنع المطران
المشرقي في قبرص بانحراف التعاليم النسطورية وأرسل صورة إيمانه إلى البابا
مطلقا على نفسه لقب مطران الكلدان. وقد أجابه البابا بكتاب يمنع فيه إطلاق
لقب نساطرة على كلدان قبرص... فكانت تلك هي المرة الأولى التي يطلق فيها
لقب الكلدان على مسيحيي كنيسة المشرق المتحدين بالكرسي الرسولي. إلاّ أن
هذه الجماعة الكلدانية، مع الجالية اليعقوبية الساكنة في الجزيرة، انقرضت
بعد أن تغلب الأتراك على اللاتين وطردوهم من الجزيرة، فكان مصير تلك
الجماعات الشرقية إما أنها هربت إلى أوربا لتذوب داخل الكنيسة اللاتينية،
أو أن قسما منهم أعلنوا إسلامهم خوفا من تهديدات الأتراك.
حركة يوحنا سولاقا الوحدوية
بعد هذه
المحاولات الوحدوية المبكرة نسبيا، واصلت كنيسة المشرق مسيرتها حتى منتصف
القرن السادس عشر حين شهدت هذه المسيرة انعطافة شديدة إثر احتجاجات
شديدة من عدة أساقفة على النتائج السلبية التي أتى بها قانون حصر الجثلقة
بعائلة "بيت أبونا". فقد كان الجاثاليق يرتقي إلى كرسي كنيسة
المشرق بانتخاب المطارنة والأساقفة له، ولم يتم انتخاب إلاّ من تتوفر فيه
الشروط اللازمة للقيام بأعباء الرئاسة الكنسية، فكان ذلك عاملا في ظهور
جثالقة عظام في إيمانهم وشجاعتهم وفكرهم وثقافتهم وروحيّتهم وحنكة إدارتهم.
إلاّ أن الصدفة
شاءت أن يتم انتخاب ست جثالقة متتالين، ابتداء من طيمثاوس الثاني
(1318-1332)، من عائلة "بيت أبونا". فلما تولّى رئاسة الكنيسة شمعون الرابع
الباصيدي (1437-1476)، وكان أيضا من نفس العائلة، استغل هذا الواقع ليسنّ
قانونا يحصر الجثلقة بأبناء عائلته دون غيرها، غير مبال باعتراضات المطارين
والأساقفة الذين رأوا في هذا القانون خرابا وتدهورا للكنيسة،من ناحية،
وإنكارا وسلبا لحقوقهم، من ناحية أخرى.
وبالفعل، جاء هذا القانون على كنيسة المشرق بنتائج وخيمة؛ فقد بلغ إلى
رئاسة الكنيسة أشخاص غير مؤهلين للقيام بمهام الجاثاليق، كما عمل جثالقة
عائلة "بيت أبونا" على ضمان استمرار حصر الجثلقة في عائلتهم من خلال تقليص
رؤساء الأساقفة في الكنيسة، حتى بلغ الأمر بأحدهم، وهو شمعون السادس
برماما (1538-1558)، إلى حصر رئاسة الأسقفية في شخص واحد من عائلته لا يزيد
عمره عن ثمان سنوات كي لا يتسنى لأحد آخر أن يرسم جاثاليقا خارجا عن
العائلة، إذ أن القانون يمنع رسامة الجاثاليق إلا على يد من هو برتبة
رئيس أساقفة.
إزاء هذا الوضع
المتدهور، اجتمع ثلاثة من أساقفة كنيسة المشرق، وهم أساقفة أربيل وسلماس
وأذربيجان، وعقدوا مجمعا مصغرا في منطقة الجزيرة، ثم مجمعا موسّعا في مدينة
الموصل حضره أيضا وفود الأكليروس والعلمانيين من شتى الأماكن حاملين كتب
تخويل من الشعب الذي يمثلونه. وقد تداول المجتمعون في شؤون الكنيسة وشجبوا
قانون الوراثة وقرروا مقاطعته والعودة إلى قوانين الكنيسة الأصلية،
ورأوا أن الأمر يستوجب انتخاب شخص تتوفر فيه المؤهلات اللازمة ليتولّى
قيادة الكنيسة في تلك المحنة التي كانت تمر بها.
وعندما
بدأت عملية الانتخاب، توجهت الأنظار شيئا فشيئا إلى الراهب يوحنا سولاقا
ابن دانيال بلو، رئيس دير الربّان هرمزد الواقع بالقرب من ألقوش، لما امتاز
به من فضيلة وروح إنجيلي وتضحية ونكران ذات مع علم وإدارة. فأرسل المجتمعون إلى الدير من يخبره بانتخابه وبطلب المنتخبين
بحضوره، إلاّ أنه رفض لأنه شعر بثقل المسؤولية التي يريدون إلقاءها على
كتفيه. وأرسل الأساقفة بطلبه ثانية، وأعاد رفضه، فما وجدوا سوى أن يرسلوا
إليه من يأتي به رغما عنه. ولما وصل يوحنا سولاقا إلى قاعة الاجتماع تعالت
هتافات الحاضرين ترحابا بالبطريرك المنتخب.وإزاء إلحاح المجتمعين، أذعن
يوحنا سولاقا لمشيئة الله ولمطلب الكنيسة... وكان ذلك في مطلع سنة 1552.ولمّا
لم يكن ممكنا رسامة يوحنا سولاقا بطريركا على الكنيسة، لعدم وجود رئيس
أساقفة بين الحضور، تزوّد يوحنا سولاقا بأوراق اعتماد رسمية وكتب شجب
لقانون الوراثة ورسالة موجهة إلى الحبر الروماني تلتمس موافقته على رسامة
يوحنا سولاقا وتثبيته بطريركا شرعيا مخولا على كنيسة المشرق قاطبة.
انطلق يوحنا
سولاقا مع الوفد المرافق له ليصل روما في تشرين الثاني سنة 1552، فاستقبل
بحفاوة بالغة وعُيّن له مكان للإقامة قرب الفاتيكان. وبعد استراحة دامت
بضعة أيام، بدأت الإجراءات الرسمية في فحص القضية وفحص شخص يوحنا سولاقا
واستقامة إيمانه. وقد استمر ذلك حتى شباط سنة 1553، حين قدم يوحنا
سولاقا صورة إيمانه للحبر الروماني قداسة البابا يوليوس الثالث التي على
أثرها صدرت بحقه براءة بابوية تعلنه وتثبته بطريرك الموصل على الكلدان. ثم
جرت رسامته الأسقفية ثم البطريركية حيث منحه البابا درع الرئاسة، الباليوم،
بنفسه وبحضور عدد من الكرادلة والأساقفة.
وبعد فترة قضاها يوحنا سولاقا في روما يزور معالمها وآثارها ويقيم أواصر
الصداقة مع كبار شخصياتها من رجالات الكنيسة، غادر يوحنا سولاقا والوفد
المرافق له ممن عينهم البابا، تلبية لطلب يوحنا سولاقا، لمساعدته بصفة ممثل
الكرسي الرسولي بين الكلدان في الموصل ومعاونين آخرين. بدأت رحلة العودة في
تموز سنة 1553 عن طريق البر لتنتهي بيوحنا سولاقا ومرافقيه، في تشرين
الثاني سنة 1553،إلى آمد حيث يقرر يوحنا سولاقا أن يجعلها مقرا لكرسيّه
البطريركي. وقد استقبل بحفاوة بالغة وبهجة عارمة من قبل الأساقفة والشعب.ما
أن انقضت أفراح الأيام الأولى، حتى بدأ يوحنا سولاقا عمله الجاد في تنظيم
شؤون الكنيسة وسد حاجة الأبرشيات لرؤساء أساقفة أختارهم يوحنا سولاقا من
بين الذين عرف فيهم الإيمان القويم والروح الإنجيلي والحكمة والإدارة، فرفع
عدد رؤساء الأساقفة في الكنيسة ثمانية من ضمنهم الأساقفة الثلاثة الذين
انتخبوه بطريركا على الكنيسة.
ثم عمل يوحنا
سولاقا مع مساعديه الموفدين معه من روما على تثقيف الشعب وتنقية عقيدته من
التعاليم التي كانت سائدة في كنيسة المشرق وقتذاك، كما قام بإعادة تحديد
أسرار الكنيسة السبعة وتنوير الشعب بشأن بعض المعتقدات وحول معنى رئاسة
الحبر الروماني.ثم اتجه يوحنا سولاقا إلى السلطة المدنية، حيث سعى إلى لقاء
السلطان العثماني سليمان الأول فأوضح له آخر مجريات الأحداث في الكنيسة
وطلب حماية السلطات المحلية العليا. وقد حصل يوحنا سولاقا على أمر من
السلطان موجّه إلى جميع الأمراء والحكّام الموجودين في البلاد بألاّ يلحقوا
الأذى بالطائفة الجديدة وأن يعاملوا المنتسبين إليها باحترام.
إلاّ أن كل ذلك
لم يمر دون مشاكل، إذ أن ما حدث في الكنيسة أزعج شمعون السادس برماما، الذي
كان ينظر إلى ما جرى في الكنيسة بكثير من الهلع والغضب، سيّما وأن كثيرين
هم الذين أقدموا على الانتماء إلى الكنيسة الناشئة، سواء من الشعب أو
الرؤساء، كما شقّه أن هذه الكنيسة حظيت بدعم وتأييد السلطات المدنية أيضا. وفي
إطار سعيه للقضاء على هذه الحركة، رأى برماما أن يوجه سهام غضبه ونقمته إلى
البطريرك يوحنا
سولاقا،
فشرع يخطط ويدبر المكائد للقضاء عليه، فاستغل علاقته بباشا العمادية حسين
بك الكردي، حيث يقع دير الربّان هرمز، مقر الكرسي البطريركي لعائلة "بيت
أبونا"، ضمن السلطة الإدارية لولاية باشا العمادية. فقدّم برماما الرشوة
لحسين بك الكردي واستماله إلى جانبه في مسألة محاربة البطريرك يوحنا
سولاقا. وقد لبّى الباشا رغبة برماما بأن قام باستقدام البطريرك يوحنا
سولاقا بحجة دعوته لزيارة الكلدان في منطقة العمادية. وما أن وصل البطريرك
يوحنا سولاقا، حتى ألقى جنود الباشا القبض عليه وألقوه في السجن ليلاقي أشد
العذابات الجسدية والنفسية مدة أربعة أشهر، ثم ألقوه في بئر مدة أربيعين
يوما. ولمّا عجز الجنود عن ثني يوحنا سولاقا عن معتقده ودفعه للتنازل عن
البطريركية، أمرهم الباشا بأخذه إلى الجبال المنعزلة القريبة وخنقه سرّا
هناك. فلقي هذا البطريرك العظيم حتفه في 12 كانون الثاني سنة 1555، وراح
شهيدا لأجل إيمانه ولأجل حركة إنقاذ الكنيسة من التدهور الذي كانت فيه. الفصل الثالث
- بعد يوحنا سولاقا: ثلاث سلاسل بطريركية كلدانية
لم تنته الحركة
الوحدوية التي بدأها يوحنا سولاقا بموته، بل تواصلت إلى يومنا هذا، حيث
تواصل الكنيسة الكلدانية مسيرتها. إلاّ أن هذه المسيرة لم تتم بخط مستقيم
بلا تعرّج وبلا صعوبات ونكسات، بل أنها واجهت الكثير من المشاكل، حتى أننا
نلحظ نشوء أكثر من سلسلة بطريركية كلدانية، كما هو موضح بالعرض الموجز
أدناه:
أولا: سلالة خلفاء يوحنا سولاقا
واصلت الكنيسة
الكلدانية حديثة العهد مسيرتها بعد مقتل يوحنا سولاقا. وقد رافقت هذه
المسيرة الكثير من المصاعب والاضطهاد نتيجة مواقف النساطرة منها، خاصة
وأنهم كثيرا ما استعانوا بالسلطات المدنية لفرض سيطرتهم على كنيسة المشرق
كلها، ولصد مسيرة الاتحاد مع الكرسي الرسولي. وفيما يلي جدول ببطاركة
الكنيسة الكلدانية الذين خلفوا يوحنا سولاقا:
وبعد انقلاب
شمعون الثالث عشر دنحا، يعود كسلالة بطريركية آثورية جديدة بالإضافة إلى
السلالة المنحدرة من عائلة "بيت أبونا" التي انقرضت لاحقا. أما السلالة
المنحدرة من البطريرك شمعون الثالث عشر دنحا، فهي التي تنحدر منها الكنيسة
الآثورية بشقّيها اليوم.
ثانيا: سلالة بطاركة الكلدان في ديار بكر
بعد أن نقل خلفاء
يوحنا سولاقا مقر إقامتهم من ديار بكر بعيدا عن مضايقات النساطرة، ارتبطت
أبرشية ديار بكر، على صعيد الإدارة الكنسية بالبطريرك النسطوري المقيم في
دير الربّان هرمزد بالقرب من ألقوش. ورغم ذلك، فقد كان لهذه الأبرشية الدور
الأساس في تواصل حركة الوحدة مع الكنيسة الجامعة. فقد كان شعب ديار بكر
ميّالا وبشدة إلى الوحدة مع روما، حتى أن مطرانهم يوسف حذا حذوهم فأظهر
رغبته الواضحة بالوحدة مع روما، الأمر الذي دفع البطريرك النسطوري إيليا
التاسع (1660-1700) إلى محاربته فاستحصل أمرا من السلطات المدنية لإلقاء
القبض عليه وسجنه أكثر من مرة. بعد فترة السجون والتعذيب، سافر المطران
يوسف إلى روما طلبا للعون والدعم، ثم عاد إلى ديار بكر واستطاع، سنة 1677،
الحصول على فرمان من الباب العالي يعترف به بطريركا على ديار بكر وماردين
مستقلا عن بطريرك الموصل. إلاّ أن روما رفضت تثبيت يوسف بطريركا جديدا،
سيّما وأن هناك بطريركان مشرقيان آخران، أحدهما في دير الربّان هرمزد،
والآخر في قوجانس بكردستان، كما أنها رأت أن يوسف لم يتم انتخابه بشكل
قانوني. إلاّ أن افتقار الكلدان إلى رئيس لهم جعل مجمع انتشار الإيمان يأخذ
بنظر الاعتبار الهتاف الذي أصدره الشعب في ديار بكر تهليلا بالفرمان
العثماني الذي أعلن يوسف بطريركا، معتبرا أن هذا الهتاف دليل عن رغبة الشعب
به بطريركا، مما جعل روما توافق على طلب يوسف ويعلنه بطريرك الكلدان بإسم
يوسف الأول وذلك سنة 1681. وقد استمرت رئاسة يوسف الأول للكنيسة الكلدانية
حتى وفاته سنة 1691... فنشأت بذلك سلالة بطريركية كلدانية جديدة أدناه
موجزها من بعد يوسف الأول:
بعد
أن استقال يوسف الرابع، قام ابن أخيه أوغسطين هندي بإدارة أبرشية ديار بكر
بصفة كاهن أولا، ثم بصفة مطران منذ سنة 1804. وقد أرسل أوغسطين إلى روما
طلب تثبيته بطريركا على الكلدان في
ديار بكر، خلفا لعمه يوسف الرابع. إلاّ أن روما، وبعد خبرة أكثر من قرن من
محاولات التوفيق بين فئات كنيسة المشرق المتنازعة فيما بينها، رأت أن
الفرامين التوفيقية ليست بالحل الناجح. وبدلا من ذلك رأت أن الحل يكمن في
محاولة جمع هذه الفئات تحت رئاسة بطريركية واحدة، خاصة وأنها لمست رغبة
البطريركين النسطوريين في قوجانس وفي ألقوش في الوحدة مع الكرسي الرسولي،
كما أن يوحنا هرمزد، مطران الموصل النسطوري، كان قد أعلن اعتناقه المذهب
الكاثوليكي وطلب هو أيضا من روما إعلانه بطريركا
للكنيسة
الكلدانية المتحدة مع الكنيسة الجامعة.
لذا، لم تمنح
روما لقب بطريرك الكلدان لأوغسطين هندي بل اكتفت بمنحه لقب القاصد الرسولي
لمنطقة بطريركية بابل سنة 1817. وبعد أن توفي أوغسطين هندي، لم يطالب من
خلفه مطرانا على ديار بكر بالبطريركية، فانتهت بطريركية آمد الكلدانية التي
بقيت متحدة بروما حوالي 146 سنة.
ثالثا: سلالة بطاركة بابل على الكلدان في الموصل
ما أن توفي
البطريرك النسطوري إيليا الحادي عشر دنحا (1722-1778) حتى ظهر خلاف حاد بين
ابني أخويه، إيشوعياب ويوحنا هرمزد، حول رئاسة الكنيسة. وسرعان ما أعلن
إيشوعياب انضمامه إلى الوحدة مع روما مما قوّى موقفه واحتل الكرسي
البطريركي متخذا اسم إيليا الثاني عشر إيشوعياب (1778-1804)، في حين أن
الكرسي البطريركي كان يعود شرعا ليوحنا هرمزد لأن إيليا الحادي عشر دنحا
كان قد نزع لقب ناطور الكرسي وحق الخلافة عن إيشوعياب ومنحهما ليوحنا
هرمزد.
إلاّ أن خطوة
الوحدة مع روما التي أخذها إيليا الثاني عشر إيشوعياب لم تكن صادقة. فهو،
ما أن حصل على الفرمان السلطاني الذي يعلنه بطريركا، حتى تراجع عن قرار
الوحدة وعاد إلى مذهبه القديم، فما كان من وجهاء الموصل، وبدعم من المرسلين
الغربيين، إلاّ أن اجتمعوا وأقالوا إيليا الثاني عشر إيشوعياب وانتخبوا
بالإجماع شمعون مطران ماردين بطريركا لهم. لكن شمعون رفض تولي هذه
المسؤولية الجسيمة، فأعيدت عملية الانتخاب لتصيب هذه المرة يوحنا هرمزد
الذي كان قد اعتنق المذهب الكاثوليكي قبل وفاة عمه إيليا الحادي عشر دنحا.
وبعد جلوسه على
الكرسي البطريركي، وطيلة عشر سنوات، قام يوحنا هرمزد بنشاط رسولي واسع لنشر
الكثلكة من خلال مواعظه وتعليمه، وبالتنسيق مع المرسلين الغربيين. ولما
أرسل يوحنا هرمزد صورة إيمانه إلى روما، أراد مجمع انتشار الإيمان أن يمنحه
بطريركية ديار بكر، بعد أن استقال يوسف الرابع سنة 1781. إلاّ أن الكرسي
الرسولي ، وبالنظر إلى أن أوغسطين هندي مطران ديار بكر يطالب أيضا
بالبطريركية الكلدانية، وبالرغم من قبول الكرسي الرسولي بصورة الإيمان التي
أرسلها يوحنا هرمزد، فإنه لم يرض بانتخاب جرى بدون علمه بل بقوة السلطة
الحاكمة والمتنفذين من علمانيي الموصل. لذا رفض الكرسي الرسولي أن يثبّت
يوحنا هرمزد بطريركا، وقبل فقط بتعيينه رئيسا لأساقفة الموصل ومدبّرا
للبطريركية البابلية مع تخويله بجميع السلطات الضرورية ما عدا اللقب
البطريركي والشارات المتعلقة به، وذلك سنة 1783، في حين بقي أوغسطين هندي
يدير شؤون الكلدان في ديار بكر... وظل كلاهما يطمحان في رئاسة البطريركية
الكلدانية. في
هذه الأثناء، لم يكن إيليا الثاني عشر إيشوعياب قد تخلى عن طموحه، فذهب إلى
العمادية واحتمى بإسماعيل باشا الذي منحه إدارة الأبرشيات النسطورية
الجبلية. ولأجل ضمان استمرار الوراثة في عائلته، رسم أحد أبناء أخيه
مطرانا، وهو حنّانيشوع. ثم شرع يناوئ يوحنا هرمزد بمساعدة إسماعيل باشا،
حتى نجح في زجّه في السجن، حيث تعرض يوحنا هرمزد للجلد لعدّة مرّات هناك.
ولأجل كسب ود المرسلين الغربيين والكرسي الرسولي، أعلن إيليا الثاني عشر
إيشوعياب، مع حنّانشيوع ابن أخيه، نبذه للمذهب النسطوري واعتناقه المذهب
الكاثوليكي. إلاّ أن المرسلين لم يثقوا بهما وأطلعوا مجمع الإيمان بذلك،
فلم تقبل روما بهما. ولمّا توفي إيليا الثاني عشر إيشوعياب سنة 1804،
وحنّانيشوع سنة 1813، لم يكن في عائلة "بيت أبونا" ذكر ليستلم البطريركية
النسطورية سوى يوحنا هرمزد الذي كان كاثوليكي المذهب... لذا انتهت الوراثة
في عائلة "بيت أبونا"، ولم يبق بطريركا نسطوريا غير الذي كان أسلافه قد
اتخذوا من قوجانس بكردستان مقرا لإقامتهم.
أما يوحنا هرمزد،
فبعد أن خرج من السجن الذي كان إيليا الثاني عشر إيشوعياب قد زجّه فيه،
واصل عمله ونشاطه المعهود. ولمّا توفي أوغسطين هندي سنة 1828، لم يطالب من
خلفه على أبرشية ديار بكر بالبطريركية، كما أسلفنا، الأمر الذي وضع
حدّا لكل ازدواجية في البطريركية الكلدانية. وبعد تمهّل قصير، منحت روما
يوحنا هرمزد لقب "بطريرك بابل على الكلدان" والباليوم، درع الرئاسة، في حفل
في بغداد سنة 1834، وكان عمره آنذاك 74 سنة.
ولأجل القضاء على عادة التوريث، ولأجل وقاية الكنيسة الكلدانية منها،
سيّما وأن البطريرك يوحنا هرمزد ينحدر من عائلة "بيت أبونا"، عيّن الكرسي
الرسولي المطران نيقولاس زيغا معاونا بطريركيا مع حق الخلافة. وفي 13 آب
سنة 1838، توفي البطريرك يوحنا هرمزد، الذي كان قد اتخذ من الموصل مقرا له،
بعد أن رأس الكنيسة الكلدانية لأربعة سنوات تلت سنوات طوال من العمل
الرسولي لنشر الكثلكة وتدعيمها في كنيسة المشرق.
ومن بعد يوحنا
هرمزد، توالى البطاركة الكلدان إلى يومنا هذا، كما هو مبيّن في الجدول
أدناه:
|
الروزنامة الشهرية |
||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||
أولاً: "وَأَمَّا
أَسْمَاءُ
الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ:
اَلأَوَّلُ
سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ،
وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ.
يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي،
وَيُوحَنَّا أَخُوهُ.
فِيلُبُّسُ،
وَبَرْثُولَمَاوُسُ.
تُومَا،
وَمَتَّى الْعَشَّارُ.
يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى،
وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ (يهوذا).
سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ،
وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي
أَسْلَمَهُ. (إنجيل
متى 10: 2-4). وبعد خيانة
يهوذا الإسخريوطي، تم إحلال
متياس الرسول محله، حسبما ذُكِرَ في (سفر
أعمال الرسل 1: 26).
أما حول موضوع اختيار العدد 12، فهناك العديد من الآراء
في هذا الأمر.. فيوجد رأي يقول أنه هذا مثال للأربع زوايا
الأرض (شمال – جنوب – شرق – غرب) مضروباً في
3 (رمز
الثالوث الأقدس)، أي 4×3=12
ويخبرنا علم النفس أن هذا الرقم هو رقم جيد،
وقد وجد هؤلاء الذين يقودون جماعات أن رقم 12 هو عدد جيد لفصول مدارس
الأحد ودراسات
الكتاب المقدس،
وهو عدد كافي لتوفير آراء مختلفة ومتنوعة، وفي نفس
الوقت صغير ليتم التعارف الجيد بين بعضهم البعض.. أما الرأي الغالب فهو
أن رقم 12 هو رقم الكمال في التقسيم الحكومي - في
العهد القديم
نجد شعب إسرائيل مقسماً إلى 12 سبط، بهم 12 رئيس.
- و
الإثنى عشر تلميذاً سيصبحون نواة لإسرائيل العهد
الجديد: 12 كرسي في الدينونة (مت28:19) – 12 بوابة
من أحجار كريمة – إثني عشر ثمرة في أورشليم الجديدة (رؤ12:21؛ 2:22).
- ونظراً لدراية التلاميذ بأهمية هذا الأمر،
سارعوا بإحلال يهوذا الخائن بتلميذ آخر.
ومن الجدير بالذكر أن الإثنى عشر كانوا يكملون بعضهم البعض:
- كلهم عدا واحد قابلوا السيد المسيح في العلية
(مع ملاحظة أن توما كان هو الغائب).
- كلهم
حل عليهم الروح القدس يوم الخمسين وقاموا بعمل
آيات وعجائب.
- في وقت قتل إسطفانوس، بقي التلاميذ في
أورشليم، في حين أن باقي المؤمنون تفرّقوا..
- تشاوروا معاً حول قبول شاول الطرسوسي (بولس الرسول) معهم.
- أسّسوا أول
مجمع كنسي مع آباء
الكنيسة الأول.
مصدر المقال: موقع
وقد قال
السيد المسيح
لرسله الاثنى عشر: "متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم
أيضاً على اثنى عشر كرسياً، تدينون
أسباط إسرائيل اثنى عشر"
(مت28:19). فمن
الواضح أن السيد المسيح قد اختار تلاميذه بنفس عدد اسباط اسرائيل أو
أبناء يعقوب الاثنى عشر. فمن الإثنى عشر سبطاً تكونت كنيسة
العهد القديم في إطار محدود، وبالإثنى عشر رسولاً تكونت
كنيسة
العهد الجديد
في المسكونة كلها. وهناك العديد من النقاط الأخرى في هذا الأمر:
أولاً: من الملاحظ أن السنة تتكون من إثنى عشر شهراً،
أي أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض بالإثنى عشر شهراً. مثل قول
الرب لإبراهيم حينما ظهر له عند بلوطات ممرا: "إني أرجع إليك نحو زمان
الحياة، ويكون لسارة امرأتك ابن" (تك10:18).
والمقصود هنا أنها سوف يكون لها ابن في نفس الموعد من العام التالي.
وفي العام الواحد أي في إثنى عشر شهراً تكمل الأرض دورة
كاملة حول الشمس. تكمل كل فصول السنة بكل ما فيها من متغيرات.
وكمال العام بإثنى عشر شهرا يرمز إلى كمال الزمان مثلما قال السيد
المسيح: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا
بالإنجيل" (مر15:1).
حقاً، لقد أشرق شمس البر -ربنا يسوع المسيح- في ملء الزمان، حسب وعد
الرب: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها"
(ملا2:4). لا
توجد شمس لها أجنحة سوى
ربنا يسوع المسيح، الذي
بسط على خشبة الصليب
يديه الممدودتنين لاحتضان كل التائبين.
ثانياً:
نلاحظ أيضاً أن النهار يتكون من اثنتى عشرة ساعة،
كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتى
عشرة، إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم،
ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو10،9:11). إن
السيد المسيح هو نور العالم.. والبشارة بالإنجيل هي نور العالم،
ولهذا فقد حمل الاثنا عشر
تلميذا هذا
النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها..
كانوا اثنى عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الإثنى عشر.
وكل منهم كانت ترمز إليه ساعة من ساعات النهار. كقول الرب عن
يوحنا المعمدان:
"كان هو السراج الموقد المُنير، وأنت أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة"
(يو35:5).
ثالثاً:
رقم 12 هو رقم ثلاثة مضروباً في أربعة (3×4=12):
ورقم 3 هو إشارة إلى الثالوث القدوس وعمله في
خلاص البشرية.
أما رقم 4 فيشير إلى أربع اتجاهات المسكونة، أو يشير إلى
الإنجيل أي البشائر الأربعة.
وهكذا يكون رقم 12 هو إشارة إلى عمل الثالوث القدوس في
خلاص البشرية، في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن
الشمال إلى الجنوب.
لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا إلى العالم
أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر15:16)؛ "وعمدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أصيتكم به"
(مت20،19:28).
وبالفعل قيل عن الآباء الرسل: "في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى
المسكونة بلغت أقوالهم" (مز4:19).
ومن تاريخ الشعب القديم عند
خروج بني إسرائيل
من
أرض مصر، وفي بداية ارتحالهم في برية سيناء، بعد عبورهم
البحر الأحمر، أنهم "جاءوا إلى إيليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعين
نخلة" (خر27:15)، وفي هذا إشارة واضحة إلى التلاميذ الاثنى عشر والرسل
السبعين الذي عيَّنهم السيد المسيح نفسه.
ومن الأمور الجميلة أن
الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الآباء الرسل يوم 12 من
الشهر السابع
من السنة الميلادية
رابعا:
في حديث السيد المسيح عن جيوش
الملائكة قال
لبطرس: "أتظن أني لا أستطيع أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثنى
عشر جيشاً من الملائكة؟" (مت53:26)
خامساً:
وفي
سفر الرؤيا رأي القديس يوحنا اللاهوتي حول العرش في السماء
أربعة وعشرين
قسيساً في
أيديهم
مجامر
وقيثارات، ويرفعون بخوراً أمام الله هو صلوات القديسين (رؤ8:5).
والملاحظ هنا أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض
اثنتا عشر ساعة، أما في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز
إليه رقم 24 (رؤ25:21).
سادسا: المئة وأربعة وأربعون ألفاً 144000 البتوليون
غير الدنسين (رؤ4،3:14)، الذين
ظهروا في المشهد السماوي يتبعون
الحمل (المسيح)
أينما ذهب، هؤلاء هو 12×12=144 مضاعفة ألف مرة. فهؤلاء عاشوا
حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة في نور النهار)، وما فيها من نور هو بحسب
الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف).
ولعل هذا يذكرنا بتوبة أهل
نينوى الذين
قال عنهم الله: أنهم إثنتا عشرة ربوة من الناس أي مائة وعشرون
ألفاً. وهو رقم 12×1000×10، ويرمزون إلى الذين يحبون حياة النور
بالتوبة في
أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف).
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
هل دبَّر
الله أن يكون
النهار اثنتى عشرة ساعة، والسنة اثنى عشر شهراً، لكي يختار
اثنى عشر تلميذاً؟
أم اختار 12 تلميذ لأن النهار 12 ساعة، والسنة 12 شهر؟!
وللإجابة على ذلك نقول: إن المعنى الأساسي للرقم 12 هو
الإشارة إلى الثالوث القدوس، وفي عمله من أجل خلاص البشرية في أربعة
أرجاء المسكونة. وعلى هذا الأساس يأتي ترتيب باقي الأمور. حقاً يا رب، ما أعجب تدابيرك! كلها بحكمة صنعت، وما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الاستقصاء..! وإننا فقط نقف لنتأمل ونتفهم ونتعجب ويبقى أمامنا الكثير لنعرفه عنك يا إلهنا القدوس. |
آذار -
March |
المنديل الملفوف |
لماذا إهتم السيد المسيح بعد
قيامته بلف المنديل بعناية |
+
لماذا اعطى الكتاب المقدس كل هذه الأهمية للمنديل الملفوف وأفرد له آية
كاملة من انجيل معلمنا يوحنا البشير؟
+
لنعرف هذا، فلنرجع الى وصف الكتاب المقدس للحدث:
'فخرج بطرس و
التلميذ الاخر و اتيا الى القبر، و كان الاثنان يركضان معا فسبق التلميذ
الاخر بطرس و جاء اولا الى
القبر، و انحنى فنظر الاكفان موضوعة و لكنه لم يدخل ، ثم جاء سمعان بطرس
يتبعه و دخل
القبر و
نظر الاكفان موضوعة، و المنديل الذى كان على راسه ليس موضوعا مع الاكفان بل
ملفوفا فى موضع وحده'.
)
يو 20 : 3-7(
+ اذاً لماذا إهتم السيد المسيح بعد قيامته بلف
المنديل بعناية ولم يضعه هكذا بدون لف مع الأكفان؟ و لماذا إهتم الكتاب
بذكر هذا الموضوع بالتفصيل؟ لنعرف هذا يجب أن نرجع الى التقليد اليهودى فى
ذلك الوقت.
+
المنديل الملفوف عند اليهود فى ذلك الوقت كان يحدد إحدى العلاقات بين السيد
والصبى العامل عنده ... فعندما يجهز الصبى الطعام للسيد فانه ينتظر السيد
حتى ينتهى من طعامه ... فاذا انتهى، يقوم السيد بمسح يديه وفمه ولحيته
بالمنديل المخصص لذلك، ثم يترك المنديل على المائدة كيفما إتفق بدون أن
يلفه،
+
أما إذا غادر السيد المائدة لأى سبب و ترك المنديل ملفوفاً عليها، فان
الصبى لن يقوم بلمسها على الإطلاق وسوف ينتظر متيقظاً ومترقباً لأن المنديل
الملفوف يعنى
|
الروزنامة الشهرية |
|||||||||
|
|||||||||
أولاً: "وَأَمَّا
أَسْمَاءُ
الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ:
اَلأَوَّلُ
سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ،
وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ.
يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي،
وَيُوحَنَّا أَخُوهُ.
فِيلُبُّسُ،
وَبَرْثُولَمَاوُسُ.
تُومَا،
وَمَتَّى الْعَشَّارُ.
يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى،
وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ (يهوذا).
سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ،
وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي
أَسْلَمَهُ. (إنجيل
متى 10: 2-4). وبعد خيانة
يهوذا الإسخريوطي، تم إحلال
متياس الرسول محله، حسبما ذُكِرَ في (سفر
أعمال الرسل 1: 26).
أما حول موضوع اختيار العدد 12، فهناك العديد من الآراء
في هذا الأمر.. فيوجد رأي يقول أنه هذا مثال للأربع زوايا
الأرض (شمال – جنوب – شرق – غرب) مضروباً في
3 (رمز
الثالوث الأقدس)، أي 4×3=12
ويخبرنا علم النفس أن هذا الرقم هو رقم جيد،
وقد وجد هؤلاء الذين يقودون جماعات أن رقم 12 هو عدد جيد لفصول مدارس
الأحد ودراسات
الكتاب المقدس،
وهو عدد كافي لتوفير آراء مختلفة ومتنوعة، وفي نفس
الوقت صغير ليتم التعارف الجيد بين بعضهم البعض.. أما الرأي الغالب فهو
أن رقم 12 هو رقم الكمال في التقسيم الحكومي - في
العهد القديم
نجد شعب إسرائيل مقسماً إلى 12 سبط، بهم 12 رئيس.
- و
الإثنى عشر تلميذاً سيصبحون نواة لإسرائيل العهد
الجديد: 12 كرسي في الدينونة (مت28:19) – 12 بوابة
من أحجار كريمة – إثني عشر ثمرة في أورشليم الجديدة (رؤ12:21؛ 2:22).
- ونظراً لدراية التلاميذ بأهمية هذا الأمر،
سارعوا بإحلال يهوذا الخائن بتلميذ آخر.
ومن الجدير بالذكر أن الإثنى عشر كانوا يكملون بعضهم البعض:
- كلهم عدا واحد قابلوا السيد المسيح في العلية
(مع ملاحظة أن توما كان هو الغائب).
- كلهم
حل عليهم الروح القدس يوم الخمسين وقاموا بعمل
آيات وعجائب.
- في وقت قتل إسطفانوس، بقي التلاميذ في
أورشليم، في حين أن باقي المؤمنون تفرّقوا..
- تشاوروا معاً حول قبول شاول الطرسوسي (بولس الرسول) معهم.
- أسّسوا أول
مجمع كنسي مع آباء
الكنيسة الأول.
مصدر المقال: موقع
وقد قال
السيد المسيح
لرسله الاثنى عشر: "متى جلس ابن الانسان على كرسي مجده، تجلسون أنتم
أيضاً على اثنى عشر كرسياً، تدينون
أسباط إسرائيل اثنى عشر"
(مت28:19). فمن
الواضح أن السيد المسيح قد اختار تلاميذه بنفس عدد اسباط اسرائيل أو
أبناء يعقوب الاثنى عشر. فمن الإثنى عشر سبطاً تكونت كنيسة
العهد القديم في إطار محدود، وبالإثنى عشر رسولاً تكونت
كنيسة
العهد الجديد
في المسكونة كلها. وهناك العديد من النقاط الأخرى في هذا الأمر:
أولاً: من الملاحظ أن السنة تتكون من إثنى عشر شهراً،
أي أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض بالإثنى عشر شهراً. مثل قول
الرب لإبراهيم حينما ظهر له عند بلوطات ممرا: "إني أرجع إليك نحو زمان
الحياة، ويكون لسارة امرأتك ابن" (تك10:18).
والمقصود هنا أنها سوف يكون لها ابن في نفس الموعد من العام التالي.
وفي العام الواحد أي في إثنى عشر شهراً تكمل الأرض دورة
كاملة حول الشمس. تكمل كل فصول السنة بكل ما فيها من متغيرات.
وكمال العام بإثنى عشر شهرا يرمز إلى كمال الزمان مثلما قال السيد
المسيح: "قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا
بالإنجيل" (مر15:1).
حقاً، لقد أشرق شمس البر -ربنا يسوع المسيح- في ملء الزمان، حسب وعد
الرب: "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها"
(ملا2:4). لا
توجد شمس لها أجنحة سوى
ربنا يسوع المسيح، الذي
بسط على خشبة الصليب
يديه الممدودتنين لاحتضان كل التائبين.
ثانياً:
نلاحظ أيضاً أن النهار يتكون من اثنتى عشرة ساعة،
كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتى
عشرة، إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم،
ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو10،9:11). إن
السيد المسيح هو نور العالم.. والبشارة بالإنجيل هي نور العالم،
ولهذا فقد حمل الاثنا عشر
تلميذا هذا
النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها..
كانوا اثنى عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الإثنى عشر.
وكل منهم كانت ترمز إليه ساعة من ساعات النهار. كقول الرب عن
يوحنا المعمدان:
"كان هو السراج الموقد المُنير، وأنت أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة"
(يو35:5).
ثالثاً:
رقم 12 هو رقم ثلاثة مضروباً في أربعة (3×4=12):
ورقم 3 هو إشارة إلى الثالوث القدوس وعمله في
خلاص البشرية.
أما رقم 4 فيشير إلى أربع اتجاهات المسكونة، أو يشير إلى
الإنجيل أي البشائر الأربعة.
وهكذا يكون رقم 12 هو إشارة إلى عمل الثالوث القدوس في
خلاص البشرية، في أرجاء المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن
الشمال إلى الجنوب.
لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه: "اذهبوا إلى العالم
أجمع، واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر15:16)؛ "وعمدوهم باسم
الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا كل ما أصيتكم به"
(مت20،19:28).
وبالفعل قيل عن الآباء الرسل: "في كل الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى
المسكونة بلغت أقوالهم" (مز4:19).
ومن تاريخ الشعب القديم عند
خروج بني إسرائيل
من
أرض مصر، وفي بداية ارتحالهم في برية سيناء، بعد عبورهم
البحر الأحمر، أنهم "جاءوا إلى إيليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعين
نخلة" (خر27:15)، وفي هذا إشارة واضحة إلى التلاميذ الاثنى عشر والرسل
السبعين الذي عيَّنهم السيد المسيح نفسه.
ومن الأمور الجميلة أن
الكنيسة القبطية تحتفل بعيد الآباء الرسل يوم 12 من
الشهر السابع
من السنة الميلادية
رابعا:
في حديث السيد المسيح عن جيوش
الملائكة قال
لبطرس: "أتظن أني لا أستطيع أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثنى
عشر جيشاً من الملائكة؟" (مت53:26)
خامساً:
وفي
سفر الرؤيا رأي القديس يوحنا اللاهوتي حول العرش في السماء
أربعة وعشرين
قسيساً في
أيديهم
مجامر
وقيثارات، ويرفعون بخوراً أمام الله هو صلوات القديسين (رؤ8:5).
والملاحظ هنا أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض
اثنتا عشر ساعة، أما في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز
إليه رقم 24 (رؤ25:21).
سادسا: المئة وأربعة وأربعون ألفاً 144000 البتوليون
غير الدنسين (رؤ4،3:14)، الذين
ظهروا في المشهد السماوي يتبعون
الحمل (المسيح)
أينما ذهب، هؤلاء هو 12×12=144 مضاعفة ألف مرة. فهؤلاء عاشوا
حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة في نور النهار)، وما فيها من نور هو بحسب
الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف).
ولعل هذا يذكرنا بتوبة أهل
نينوى الذين
قال عنهم الله: أنهم إثنتا عشرة ربوة من الناس أي مائة وعشرون
ألفاً. وهو رقم 12×1000×10، ويرمزون إلى الذين يحبون حياة النور
بالتوبة في
أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف).
وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي:
هل دبَّر
الله أن يكون
النهار اثنتى عشرة ساعة، والسنة اثنى عشر شهراً، لكي يختار
اثنى عشر تلميذاً؟
أم اختار 12 تلميذ لأن النهار 12 ساعة، والسنة 12 شهر؟!
وللإجابة على ذلك نقول: إن المعنى الأساسي للرقم 12 هو
الإشارة إلى الثالوث القدوس، وفي عمله من أجل خلاص البشرية في أربعة
أرجاء المسكونة. وعلى هذا الأساس يأتي ترتيب باقي الأمور. حقاً يا رب، ما أعجب تدابيرك! كلها بحكمة صنعت، وما أبعد أحكامك عن الفحص وطرقك عن الاستقصاء..! وإننا فقط نقف لنتأمل ونتفهم ونتعجب ويبقى أمامنا الكثير لنعرفه عنك يا إلهنا القدوس. |
شباط -
Febuary |
الصوم |
إن كلمة صوم ليست مجرد ثلاثة أحرف نرددها بشكل عفوي, بل هي تحوي الكثير من المعاني والعبر, ولكل حرف في هذه الكلمة دلالته و قيمته الهامة جداً في حياتنا اليومية, ولكي نستطيع أن نعيش الصوم الحقيقي ونفهم فحواه و نقدر أن نصل إلى الغاية المرجوة منه.. علينا أن نفكر في هذه المعاني والقيم ونحاول جهدنا لتطبيقها ولتكون نوراً لنا في مسيرتنا الروحية نحو الرب. |
ص:
- صبر
نمتحنه في حياتنا المليئة بالكثير من المطبات ..
- صلاة
تنقي الروح و
تهذبها وتكون جواز سفر لنا للوصول إلى الله..
- صداقة
مع الذات و مع
الآخر ومع الله..
- صمود في
وجه كل تحدي في حياتنا..
- صمت داخلي
للوصول إلى أعماقنا وسبرها, وصمت عن أفعال و أقوال تحاول جذبنا..
- صراع مع
الرغبات و الشهوات , ومع الذات ,ومع كثير من متطلبات الحياة..
- صراحة في
أحاديثنا و أفعالنا وجميع تصرفاتنا ..
- صادق
مع نفسي ومع الله و في جميع علاقاتي ..
و:
- وداعة
أعيشها في علاقاتي..
- وئام
ومودة في مختلف ارتباطاتي بالآخر..
-ولادة
جديدة روحية تتحقق
عندما أعرف كيف أعيش الصوم الحقيقي في حياتي..
-وقت:
1- وقت الرجوع إلى الله 2-وقت
الرجوع إلى الذات على ضوء كلمة الله
3-وقت الرجوع إلى الآخر -ورع أحتاج إليه في كثير من علاقاتي في هذا
الزمن..
م
:
-
محبة لله و للآخر.. - مصالحة مع الله ومع أخي الإنسان و مع
ذاتي.
مخافة
الله في أعمالي و أفكاري.. - مشاركة الآخر بما لدي..- مساعدة
المحتاج بحسب استطاعتي و قدراتي دون تمنين
-
مسؤولية تجاه نفسي و تجاه غيري..
-
مسيرة نحو الله توصلني إلى النهاية السعيدة..
- مجهود أبذله لكي أستمر في خطواتي بشكل صحيح.. -
محنة أعيشها لكي أختبر معنى الصبر الحقيقي ..
-
مشيئة أسعى إلى تحقيقها.. موت يوصلني إلى القيامة مع يسوع
المسيح.. |
الروزنامة الشهرية |
||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||
رسالة البابا بندكتس السادس عشر لصوم 2012 |
||||||||||||||||||
إخوتي وأخواتي الاعزاء،
الصوم هو في الواقع زمن يسمح
لنا بتجديد طريق الإيمان الفردية
والجماعية بفضل كلمة
الله والأسرار المقدسة. إنّها طريق محفوفة بالصلاة والمشاركة،
بالصمت والصوم، في
انتظار عيش فرح الفصح.
أرغب هذه السنة
باقتراح تأملات استوحيتها من نص قصير من الرسالة إلى العبرانيين:
"ولينتبه بعضنا إلى بعض للحث على المحبة والأعمال الصالحة" (عب 10 ،
24). تشكل هذه الآية جزءاً من رسالة يحث فيها الكاتب على الثقة بيسوع
المسيح الكاهن الأعظم الذي نال لنا الغفران والوصول إلى الله. ثمرة
استقبالنا للمسيح هي العيش وفقاً لثلاث فضائل لاهوتية: "فلندن بقلب
صادق وبتمام الإيمان، وقلوبنا مطهّرة من أدناس الضمير وأجسادنا مغسولة
بماء طاهر" (الآية 22)، "ولنتمسك بما نشهد له من الرجاء ولا نحد عنه،
لأن الذي وعد أمين" (الآية 23)، "ولينتبه بعضنا إلى بعض للحث على
المحبة والأعمال الصالحة" (الآية 24). ولدعم هذا التسلسل الإنجيلي، من
المهم المشاركة في اللقاءات الليتورجية وصلاوات الجماعة، آخذين بعين
الاعتبار هدفاً أخيريًا (اسكاتولويجيًا): التواصل الكامل مع الله
(الآية 25). وتستوقفني الآية 24 التي تقدّم وبكلمات قليلة تعليماً
قيّماً وآنياً على الدوام يتمحورحول ثلاثة جوانب من الحياة المسيحية:
الانتباه إلى الآخر، والمعاملة بالمثل والقداسة الذاتية.
1.
"الانتباه": المسؤولية تجاه أخي الإنسان
:
العنصر
الأول هو الدعوة إلى "الانتباه"، فالفعل اليوناني المستخدم هو
katanoein،
ويعني "النظر جيداً" و"توخي الحذر" و"النظر بوعي" و"التنبه إلى واقع
ما". نجد هذا العنصر في الإنجيل المقدس، حين دعا يسوع تلاميذه إلى
"النظر" إلى طيور السماء التي لا تزرع ولا تحصد، ولا تجمع إلى مخازن،
والله يرزقها (لو 12، 24)، و"نظر" البعض إلى القذى الذي في عين
الآخر وعدم رؤية الخشبة التي في عينهم (لو 6، 41). كما نجد هذا العنصر
أيضاً في نص آخر من الرسالة إلى العبرانيين، وبالتحديد في الدعوة إلى
"التأمل بالمسيح" (عب 1، 3)، رسول شهادتنا وعظيم كهنتها. بعدها يدعونا
هذا الفعل إلى "إبقاء عيننا على الآخر" بدءاً بالمسيح يسوع، والانتباه
أحدُنا إلى الآخر، وعدم التعامل بعضنا مع بعض معاملة الغرباء أو
اللامبالين بمصير الإخوة. في المقابل، يسود في معظم الأحيان الموقف
المعاكس: موقف اللامبالاة وعدم الاكثراث الذي يولد من الأنانية
المتخفية خلف قناع مظاهر الاحترام لـ"الحياة الخاصة". واليوم أيضاً
يتردد بقوة صدى صوت الرب الذي يدعو كلاً منا إلى العتناء أحدنا بالآخر.
اليوم أيضاً يطلب منا الرب أن نكون "حرّاساً" لإخوتنا (تك 4، 9)،
وتكوين علاقات تتميز بالاهتمام المتبادل واللهفة المتبادلة، من خلال
الاهتمام بمصلحة الآخر وكل ما يملك. إنّ الوصية العظيمة التي تدعو إلى
محبة القريب تستلزم إدراك المسؤولية تجاه الآخر الذي هو، مثلي أنا،
مخلوق الله وابن له. فبما أننا إخوة بالإنسانية وفي كثير من الأحيان
إخوة بالإيمان، فعلينا إذاً أن نرى في الآخر "الذات الثانية" المحبوبة
بلا حدود من قبل الرب. وإنّنا متى زرعنا نظرة الأخوة هذه، يتدفق
التضامن والعدالة والرحمة والتعاطف طبيعياً من قلوبنا.وكان خادم الله
البابا بولس السادس يؤكّد أن العالم اليوم بات يعاني غياب الأخوّة بين
البشر: "العالم مريض. وعلّته لا تكمن في نضب الموارد أو احتكارها من
قبل البعض، بل يكمن في انعدام الأخوة بين البشر والشعوب" (الرسالة
العامة "تطور الشعوب"، 26 مارس 1967 رقم 66). ويشمل "الانتباه إلى
الآخر" أن نتمنى له الخير بجوانبه المختلفة: الجسدي والمعنوي والروحي.
ويبدو أنّ الثقافة المعاصرة قد فقدت معنى الخير والشر، في حين أنّه بات
من الضروري أن نكرّر بقوة وحزم أنّ الخير موجود وينتصر، لأنّ الله هو
"الحسن والمحسن" (مز 119، 68). الخير هو الذي يولّد ويحمي ويعزّز كلاً
من الحياة والأخوة والتواصل. المسؤولية تجاه الآخر تعني إذاً أن نتمنى
الخير للآخر، ونعمل على تحقيق هذا الخير له، آملين بأن ينفتح هو أيضاً
على منطق الخير؛ فالاهتمام لأمر أي من إخوتنا يعني أن نفتح أعيننا لنرى
احتياجاته. والكتاب المقدس يحذّر من خطر تحجّر القلب بنوع من "المخدّر
الروحي" الذي يُعمي البعض عن رؤية معاناة الآخرين. يذكر لوقا الإنجيلي
اثنين من الأمثال الذي أعطاها يسوع، يقدّمان مثالين عن وضع التحجر الذي
يمكن أن ينشأ في قلب الإنسان.ففي مثل السامري الصالح، نرى كيف أن
الكاهن واللاوي "مالا عنه ومضيا لامباليين بحال ذاك الرجل العاري
والمتعرّض للضرب على أيدي اللصوص (راجع لو 10، 30-32). وفي مثل الغني،
لم يأبه هذا الرجل المتخم بالخيرات إلى حالة لعازر الفقير الذي مات
جوعاً على عتبة بابه (راجع 16، 19). ففي كلتا الحالتين، علينا بدلاً من
ذلك أن "نهتمّ" وننظر بحب وتعاطف إلى كل من الرجلين. فما الذي يعيق
نظرة الإنسانية والحنو تجاه أخينا الإنسان؟ غالباً ما يكمن السبب في
الثروة المادية والفيض، ولكن ثمة أسباب أخرى ومنها تفضيلنا مصالحنا
واهتماماتنا الشخصية على أي شيء آخر. ولكننا يجب ألّا نبدو مطلقاً
عاجزين عن "إبداء بعض الرحمة" تجاه من يعاني، ويجب ألّا ندع مصالحنا
ومشاكلنا الشخصية تستولي على قلوبنا لدرجة أن نمسيَ صُماً لا نسمع صرخة
الفقراء. وعلى العكس، إنّ تواضع القلب والاختبار الشخصي للمعاناة
يمكنهما أن يشكلا مصدراً للصحوة الداخلية والانفتاح على الشفقة
والتعاطف: "البار يعرف قضية الفقراء والشرير لا يفطن لمعرفتها" (أم
29،7). على ضوء ذلك نفهم تطويب "الودعاء" (متى 5، 4)، أي أولئك
القادرين على الخروج من ذواتهم ليتمكّنوا من الشعور بالأسى والشفقة
إزاء معاناة الآخرين. لذا فإنّ لقاء الآخر وفتح قلبنا لاحتياجاته هما
فرصتان للخلاص والتقديس. الانتباه" إلى أخينا الإنسان يتضمّن أيضاً طلب
الخير الروحي له. أرغب بالتذكير هنا بأحد جوانب الحياة المسيحية التي
باتت منسية: التصحيح الأخوي من أجل تحقيق الخلاص الأبدي. بشكل عام،
إنّنا حساسون جداً لموضوع الرعاية الصحية والخيرية لتوفير الخير الجسدي
والمادي للآخرين، ولكنّنا لا نتحدث إن جاز التعبير عن مسؤوليتنا
الروحية تجاه إخوتنا. ولكنّ الحال لم تكن كذلك في الكنيسة الأولى، ولا
في المجتمعات الناضجة فعلاً في إيمانها، فجميعها لم تهتم بالصحة
الجسدية للإخوة فحسب، بل بالصحة الروحية أيضاً وبمصيرهم النهائي. نقرأ
في الكتاب المقدس: "لا توبّخ الساخر لئلا يبغضك، وبّخ الحكيم فيحبك.
أفِد الحكيم فيصير أحكم، علّم البار فيزداد فائدة" (أم 9، 8-9).
فالمسيح نفسه يأمرنا بأن نوبّخ أخانا الذي يُخطئ (راجع متى 18، 15).
فالفعل"
elenchein" المستخدم
لتعريف التصحيح الأخوي هو نفسه الذي يشير إلى المهمة الرسولية المتمثلة
بشجب المسيحيين لأعمال الظلام العقيمة الذي يستسلم لها أبناء هذا الجيل
(راجع أفسس 5،11). وقد اعتبر تقليد الكنيسة "عتاب الخطأة" أحد أعمال
الرحمة الروحية، ومن المهم استعادة بُعد المحبة المسيحية هذا إذ يجب
ألا نبقى ساكتين في وجه الشر. هنا أستذكر موقف المسيحيين الذين، من باب
احترام الإنسان أو بسبب الملاءمة، يتأقلمون مع العقلية السائدة بدلاً
من أن يحذّروا إخوتهم من طرق التفكير والتصرف المتعارضة مع الحقيقة،
فلا يتبعون طريق الخير. ولكن يجب التنبّه إلى أنّ التوبيخ
المسيحي لا يتمّ بروحية الإدانة أو التجريم، بل بدافعَي الحب والرحمة،
كما أنّها وليدة السعي الحقيقي من أجل تحقيق خير أخينا الإنسان. ويؤكّد
بولس الرسول: " أيها الإخوة، إن وقع أحد في فخ الخطيئة، فأصلحوه أنتم
الروحيين بروح الوداعة. وحذار أنت من نفسك لئلا تجرب أنت أيضا" (غل 6،
1). ففي عالمنا الغارق في الفردية، من الضروري إعادة اكتشاف أهمية
التصحيح الأخوي من أجل السير معاً على درب القداسة. " فإن البار يسقط
سبع مرات" (أم 24، 16) بحسب ما يقول الكتاب، ونحن جميعاً ضعفاء وغير
كاملين (راجع 1 يو 1،8).لذا فمن المفيد جداً أن نساعد وأن نسمح للآخرين
بمساعدتنا من خلال إلقاء نظرة صادقة وحقيقية على أنفسنا من أجل تحسين
حياتنا الخاصة، والسير بمزيد من الاستقامة على درب الرب. فنحن بحاجة
دائمة إلى نظرة حب وتصحيح، نظرة تعرف وتعترف، تميز وتسامح (راجع لو 22:
61) كما نظر الرب وينظر إلى كلّ منا.
2. "بعضنا
إلى بعض": نعمة المعاملة بالمثل
تتعارض
"حراسة" الآخرين مع ذهنية تقليص الحياة إلى بُعد وحيد أرضي، من دون أن
تنظر إليها من وجهة نظر أخروية، بل تقبل بأي خيار أخلاقي باسم الحرية
الفردية. فمجتمع كمجتمع اليوم يمكن أن يصبح أصمّاً تجاه المعاناة
الجسدية ومتطلبات الحياة الروحية والأخلاقية. ولكن يجب ألا تكون هذه
الحال في المجتمع المسيحي. يدعو بولس الرسول إلى البحث عما "يعزز
السلام والبنيان المتبادل" (رو 14، 19)، " وليسع كل واحد منا إلى ما
يطيب للقريب في سبيل الخير من أجل البنيان" (رو 15، 2)، من دون
السعي إلى المنفعة الشخصية، " بل إلى منفعة جماعة الناس لينالوا
الخلاص" (1 كو 10،33). فيجب أن يشكّل هذا التصحيح المتبادل وهذه
الموعظة جزءاً أساسياً من حياة المجتمع المسيحي، بروح من التواضع
والمحبة.إن تلاميذ المسيح المتحدين بالمسيح بفضل الافخارستيا يعيشون في
شركة تربطهم الواحد بالآخر كأعضاء جسد واحد. ومن هذا المنطلق، يكون
الآخر متحداً بي بطريقة معينة بحيث أصبحت حياته مرتبطة بحياتي، وخلاصه
بخلاصي. نتناول هنا عنصراً عميقاً جداً للشركة: فوجودنا مرتبط ارتباطاً
وثيقاً بوجود الآخرين، في الخير والشر. فللخطيئة كما ولأعمال المحبة
أبعاد اجتماعية. وفي الكنيسة التي هي جسد المسيح السري، تنطبق هذه
المعاملة بالمثل: فالجماعة لا تكف عن التكفير عن الذنوب وطلب المغفرة
من أجل أبنائها، ولكنها تفرح وتهلل دائماً لأعمال الفضيلة والمحبة التي
تشهدها. ويقول بولس الرسول: "لتهتم الأعضاء بعضها ببعض اهتماما واحدا"
(راجع 1 كو 12، 25) ليصبحوا جسداً واحداً. فمحبة الإخوة التي تُترجم من
خلال التصدق على الفقراء، وهي الميزة الأساسية في زمن الصوم إلى جانب
الصلاة والصوم، تتجذر في هذا الانتماء إلى جماعة.ومن خلال العناية
الملموسة بالأكثر فقراً، يمكن للمسيحي أن يعبّر عن مشاركته في جسد
الكنيسة الواحد. فالانتباه إلى الآخرين من خلال المعاملة بالمثل يتضمن
الاعتراف بخير الرب الذي يتحقق من خلالهم، وشكره معهم على النعم التي
يستمر الله الرؤوف والقدير بتحقيقها في أبنائه. فحين يرى المسيحي في
الآخر عمل الروح القدس، لا يمكنه إلا أن يتهلل ويمجد الله أبانا الذي
في السموات (راجع مت 5، 16).
3. "للحث على المحبة والأعمال الصالحة": السير معاً على درب القداسة تدفعنا هذه
العبارة من الرسالة إلى العبرانيين (10، 24) إلى النظر في الدعوة
الشاملة إلى القداسة، الدرب الثابتة في الحياة الروحية والتطلع إلى
المواهب العظمى ومحبة أكبر وأكثر إثماراً (راجع 1 كو 12، 31- 13، 13).
فالاهتمام المتبادل يهدف إلى حثنا بطريقة متبادلة على حب ينمو ويكبر
يوماً بعد يوم "أما سبيل الأبرار فمثل نور الفجر الذي يزداد سطوعا إلى
رائعة النها " (أم 4، 18)، بانتظار عيش اليوم الذي لا ينتهي في الرب.
فالوقت المخصص لنا في هذه الحياة ثمين جداً، فلنستثمره إذاً في اكتشاف
وتحقيق أعمال الخير بغمر من الحب الإلهي. وهكذا، تنمو الكنيسة وتتطور
لتبلغ ملء قامة المسيح (راجع أف 4، 13). وفي هذه المنظور الدينامي
للنمو تكمن موعظتنا للحث المتبادل لتحقيق ملء الحب وأعمال البر.
وللأسف، يستمر الفتور، واختناق الروح، ورفض "المتاجرة بالوزنات" التي
مُنحت لنا لخيرنا ولخير الآخرين (راجع مت 25، 25). لقد أُعطينا جميعاً
ثروات روحية أو مادية تمكننا من تحقيق المخطط الإلهي، من أجل خير
الكنيسة وخلاص نفوسنا (راجع لو 12، 21؛ 1 تم 6، 18).يذكّر القادة
الروحيون بأن من لا يتقدّم في حياة الإيمان يتراجع. فيا إخوتي وأخواتي
الأعزاء، فلنرحّب بالدعوة الآنية دائماً إلى "السمو إلى أعلى درجات
الحياة المسيحية" (يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي، مطلع الألفية
الجديدة 6 يناير 2001 رقم 31). فمن خلال الاعتراف والإعلان عن تطويب
بعض المسيحيين المثاليين وتقديسهم، تسعى الكنيسة أيضاً إلى توليد
الرغبة بتقليد فضائلهم. ويحثنا القديس بولس بالقول: "تنافسوا في إكرام
بعضكم لبعض" (رو 12، 10).في عالم يتطلّب من المسيحيين أن يجددوا شهادة
الحب والإخلاص للرب، يشعر الجميع بحاجة ملحة إلى عمل المستحيل للتنافس
في أعمال الخير والخدمة وأعمال البر (راجع عب 6، 10). |
|
قصة روحية: العناية الإلهية |
هبّت عاصفة هوجاء على سفينة بعيدًا عن السواحل. فغرق كلّ من كان فيها عدا رجل واحد استطاع أن يجاهد ويكافح حتى وصل إلى جزيرة صغيرة مهجورة. بنى الرجل كوخًا صغيرًا وأسلم نفسه لعناية الله. كان يعيش من بعض الأعشاب التي كان يلتقطها هنا وهناك، لاسيما وأن الأمواج دفعت إلى الجزيرة بعضًا مما كان في السفنية الغارقة من طعام وشراب. كان يقضي الساعات فوق الصخور العالية في الجزيرة يلوّح بيده لعلّه يرى سفينة من بعيد تأتي لنجدته. وفي يوم من أيّام الصيف الحارّة، صعد إلى الصخرة كعادته ينظر إلى الأفق البعيد، ولما تعب من النظر التفت وإذ بالنيران تلتهم كوخه الصغير ولا تُبقى فيه على شئ. قنط المسكين وأخذ يفكّر في قَدَره، لكنه في النهاية جدّد إيمانه بالله. وفي المساء، وصلت إلى الجزيرة سفينة كانت مسافرة وقال القبطان لصاحبنا: "لقد رأينا النار التي أضرمتها لتدلّنا على وجودك، وأتينا لنجدتك". |
القصة الروحية عن موقع جمعية التعليم المسيحي في حلب www.talimmasihi.com |
كانون الثاني -
January |
القراءات الطقسية |
إن عمادك يارب هو معين و اكتمال الإيمان الحي،جرى في نهر الأردن و مهد الطريق الى ملكوت السماء أمام كل المعمدين، و ذلك من حلال إقرارهم بالأقانيم المجيدة لثالوثك المسجود |
الأحد الثاني بعدالميلاد :
1
/1/2012
سفرأشعيا(49: 1-7 ) تروي دعوة خادم الرب و مجال عمله .
رسالة
2 طيمثاوس
(2: 16-22)
اهمية السلوك الجيد بالدعوة الجديدة .
إنجيل القديس لوقا(2: 22-38) ختانة الرب في اليوم الثامن .
الأحد الأول من الدنح
:
8
/1/2012
سفر أشعيا(44: 31-45: 4 ) تدعونا الى الامانة تجاه الله .
رسالة
2 طيمثاوس
(3: 1-15)
الاستعداد لأيام المسيح الأخيرة
.
إنجيل القديس لوقا(4: 14-30) اعلان البرنامج الخلاصي لمجيء يسوع روح
الرب مسحني لأبشر المساكين..
الأحد الثاني من الدنح :
15/1/2012
سفر أشعيا (45: 11- 17) خلاص الرب هو
حضوره الدائم بيننا وتدعو للعيش بمقتضاه .
رسالة العبرانيين(3: 1-7) يسوع المسيح هو الكاهن
الأزلي و نحن هيكله .
إنجيل القديس يوحنا(1: 1- 18) المسيح هو الكلمة
المتجسد و من خلاله نصبح ابناء النور عندما نؤمن به .
الأحد الثالث من الدنح :
22/1/2012.
سفر أشعيا (45: 14 -20)
الدعوة الى التوبة و تغير الفكر و القلب .
رسالة العبرانيين(3: 12-19) اذا سمعتم صوته فلا تقسوا
قلوبكم .
إنجيل القديس
يوحنا(1: 29-42) اعلان النبي يوحنا بأن يسوع هو حمل الله
الحامل خطايا البشر .
الأحد الحامس من الدنح :
29/1/2012.
سفر عاموس (8: 4 -11) النبي يدعو الى
نبذ الطمع و الرشوة و الاستغلال بسبب الحالة الاجتماعية المتردئية.
رسالة العبرانيين(6: 9-7: 3) صدق الله في وعوده مهما
كانت الصعوبات . |
الروزنامة الشهرية |
||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||
عظة الاحتفال بأمسية الصلاة المسكونية من أجل وحدة المسيحيين
(للمطران
سليم الصائغ)
في كنيسة يوحنا دي لاسال في عمّان. الخميس 19-1-2012 |
||||||||||||||||||
إن السيد المسيح أنشأ كنيسة واحدة، وختمها بهيكلية الرسل، وجعل بطرس
والرسل حجارة الأساس، يشتركون في رسالته وسلطانه. ومنذ عهد الرسل ظهرت
بعض الانقسامات والانحرافات عن الإيمان القويم، استنكرها بطرس وبولس
وسائر الرسل. وبعد عهد الرسل، وعلى مدى التاريخ، ظهرت أيضاً انشقاقات
أشد خطورة، بذنب أفراد من هذا الفريق أو من ذاك. جراح وحدة الكنيسة
تمت وتتم بخطيئة البشر. ونتيجة لذلك يقف المسيحيون اليوم مواقف
إيمانية متباينة، وينهجون طرقاً مختلفة، كما لو كان المسيح نفسه قد
تجزأ. هذا التفتّت يتعارض صراحة مع إرادة المسيح، وهو حجر عثرة للعالم،
وعقبة في طريق الخلاص الذي حققه السيد المسيح والذي إليه يدعو كل البشر
في كل مكان وزمان.
ثانياً: إن القيم المسيحية المشتركة بين المسيحيين تساعد كثيراً على
هدم الحواجز والحدود والمواقف السلبية.
إن ما يجمعنا هو أكثر بكثير مما يجعلنا مختلفين. كلنا نؤمن بكنيسة
واحدة جامعة مقدسة رسولية. وكلنا نؤمن بان الروح القدس الرب المحيي
يملأ الكنيسة ويحييها ويسوسها. وكلنا نؤمن انه في داخل شركة الكنيسة
الواحدة، توجد شرعا كنائس محلية تتمتع بتقاليدها الخاصة. وكلنا نؤمن أن
هذا التنوع بالإضافة إلى غنى الليتورجيات لا يعارض وحدة الكنيسة. كلنا
نؤمن بان الكنيسة هي شعب الله وجسد المسيح السري، وهيكل الروح القدس
وعروس المسيح وطريق الخلاص لنا ولكل شعوب الأرض.
|
|
قصة روحية: جدل على باب السماء |
توفي كاهن ومَثَلَ أمام القديس بطرس يريد أن يدخل السماء. رحّب به مار بطرس وأمر ملاكًا بأن يُحضر ملفّ الكاهن ليطّلع على حياته وأعماله. وبعد أن قرأ الملف كاملا قال للكاهن: “حياتك لا بأس بها، إنما عليك أن تقضي 150 أسبوعا في المطهر”. احتجّ الكاهن، وكان يودّ أن يدخل السماء مباشرة، فحنّ عليه مار بطرس وقال له: “نظرًا لما عانيته من آلام الروماتيزم في حياتك، أعطيك خصم 30% . لكن الكاهن لم يكتف وبدأ يجادل مار بطرس ويطلب أن يدخل السماء مباشرة. تعب مار بطرس من إصرار الكاهن، لكن الكاهن أصرّ على استئناف الحكم إلى يسوع المسيح الكاهن الأزلي. وبعد أخذٍ وردٍّ، اتّصل مار بطرس بيسوع المسيح وقال له: "هنا كاهن لا يقبل بحكمي ويريد أن يرفع شكواه إليك شخصيا". وبعد بضعة دقائق وصل يسوع المسيح فرأى الكاهن وسأله ماذا يريد. أجاب الكاهن: "عندي ثلاثة أسباب لاستئناف الحكم". فقال له يسوع: "قل". أجاب الكاهن: "يقول تلميذك يوحنا “في بيت أبي منازل كثيرة، وأنا ذاهب لأعدّ لكم مقامًا... فكيف أقتنع أنك يا يسوع في السماء منذ أكثر من ألفي عام، لتعدّ لي مكانًا في المطهر لا في السماء". أجاب يسوع: "حسنًا، أكمل". فقال الكاهن: “قلتَ أنتَ على لسان تلميذك يوحنا، "إن الذين أحببتهم أريد أن يكونوا حيث أكون أنا. فكيف تكون أنت على عرشك في السماء وكاهنك يتألم في المطهر"؟. ابتسم يسوع وقال للكاهن: "أكمِل". أجاب الكاهن: "يقول لوقا الإنجيلي أنّك وعدتَ تلاميذك أنهم سيأكلون ويشربون معك على مائدتك في ملكوتك. وملكوتك هو السماء، فهل هيّاتَ لي مائدة في المطهر؟". ابتسم يسوع مجدّدًا وسأل الكاهن: "والآن ماذا تريد بعد هذا الدفاع المستميت؟" أجاب الكاهن: "أريد فقط أن اكرّر ما قاله رسولك متى حين كتب : أنا لست أهلاً... ولكن حسبك يا ربّ أن تقول كلمة..." وضحك يسوع حتى بانت نواجِذُه، وربّت على كتف الكاهن وقال له: "ليكن لك حسب إيمانك". قال هذا وأشار إليه أن يتبعّه. وسلك يبسوع درجًا خفيًّا والكاهن يسير وراءه، وما هي إلاّ لحظات حتى وجد الكاهن نفسه في السماء... |
القصص الروحية عن موقع جمعية التعليم المسيحي في حلب www.talimmasihi.com |
ٍSunday Message Page | Site Map | Home Page |