البابا فرنسيس: العائلات المسيحيّة هي عائلات مرسلة تضع في كل شيء ملح الإيمان وخميرته!
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال "بيوم العائلة" حول موضوع "أيتها العائلة عيشي فرح الإيمان" وألقى عظة تمحورت حول القراءات التي تقدمها لنا الليتورجية في هذا الأحد داعيًا المؤمنين للتأمل حول بعض الميزات الأساسيّة للعائلة المسيحيّة. قال البابا فرنسيس: الميزة الأولى هي العائلة التي تصلي. يسلط إنجيل اليوم الضوء على طريقتين للصلاة، الأولى طريقة الفريسيّ المزيّفة والثانية طريقة العشار الحقيقية. فالفريسيّ يجسّد موقف الذي لا يشكر الله على نعمه ورحمته بل يكتفي بذاته، يعتبر نفسه بارًا ويحتقر الآخرين. أما العشار فهو لا يكثر الكلام، وصلاته متواضعة وبسيطة يملؤها اليقين والمعرفة بعدم استحقاقه وضعفه: إنه رجل يعترف بحاجته لغفران الله. أضاف الأب الأقدس يقول إن صلاة العشّار هي صلاة الفقير، الصلاة المقبولة لدى الله، كما نقرأ في نص القراءة الأولى: "تبلغ إلى الغيوم" (سير 35، 20) بينما صلاة الفريسيّ هي صلاة يُثقِّلها الغرور. لذا في ضوء كلمة الله هذه أود أن أسألكم: هل تصلّون في عائلاتكم؟ أعلم أن بعضكم يصلي. لكن العديد قد يسألون: كيف نصلّي في العائلة؟ أليست الصلاة شيئًا شخصيًّا؟ كما وأننا لا نجد أبدًا الوقت المناسب للصلاة معًا... أقول لكم أن هذا صحيح لكنها أيضًا مسألة تواضع بأن نعترف بحاجتنا لله كالعشّار! ولذلك نحن بحاجة للبساطة! تابع الحبر الأعظم يقول: تقترح علينا القراءة الثانية ميزة أخرى: العائلة تحافظ على الإيمان. يكتب القديس بولس عند مغيب حياته: "جاهَدتُ جِهادًا حَسَنًا وأَتمَمْتُ شَوطي وحافَظتُ على الإِيمان" (2 طيم 4، 7) ولكن كيف حافظ على الإيمان؟ بالتأكيد لم يضعه في خزنة! لقد حافظ القديس بولس على الإيمان لأنه أعلنه وحمله بعيدًا، لقد حافظ على الإيمان لأنه منحه بالطريقة عينها التي ناله بها، وخرج نحو الضواحي. هنا يمكننا أن نسأل أنفسنا أيضًا: كيف نحافظ على إيماننا؟ هل نحتفظ به لأنفسنا ولعائلاتنا كخير خاص أم نعرف كيف نتقاسمه بالشهادة والانفتاح على الآخرين؟ العائلات المسيحيّة هي عائلات مرسلة في حياتها اليوميّة وأعمالها اليوميّة تضع في كل شيء ملح الإيمان وخميرته! أضاف البابا فرنسيس يقول: نستخرج ميزةً أخيرة من كلمة الله: العائلة تعيش الفرح. نقرأ في المزمور: "َيَسمَعُ ٱلبائِسونَ وَيَفرَحون" (مز 33/ 34، 3). يشكل هذا المزمور نشيدًا للرب منبع الفرح والسلام. لكن ما هو سبب هذا الفرح؟ سبب هذا الفرح هو أن الرب قريب، يسمع استغاثة المتواضعين ويخلّصهم من الشرّ. وهذا ما يكتبه القديس بولس أيضًا: "إِفرَحوا في الرَّبِّ دائِمًا... إِنَّ الرَّبَّ قَريب" (فيل 4، 4- 5). أيتها العائلات العزيزة، تعرفين جيّدًا أن الفرح الذي نتذوقه في العائلة ليس فرحًا سطحيًّا ولا يأتي من الأشياء والظروف... لأن الفرح الحقيقي يأتي من التناغم العميق بين الأشخاص، ذلك التناغم الذي نشعر به في قلوبنا ويجعلنا نشعر بجمال العيش معًا والعضد المتبادل في مسيرة الحياة. ولكن في أساس هذا الشعور العميق بالفرح نجد دائمًا حضور الله في العائلة وحبه الرحيم الذي يقبل الجميع ويحترم الجميع. وإن غاب حب الله، تخسر العائلة تناغمها فتطغى عليها الفردانيّة وينطفئ الفرح! وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: أيتها العائلات العزيزة، عيشي دائمًا في البساطة والإيمان على مثال عائلة الناصرة. ليرافقكم دائمًا فرح الرب وسلامه. وفي ختام الذبيحة الإلهيّة وقبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي قال البابا فرنسيس: قبل أن نختتم هذا الاحتفال أرغب بإلقاء التحيّة على جميع الحجاج ولاسيما العائلات التي أتت من بلدان عديدة. أشكركم من كل قلبي! كما وأحيي الأساقفة والمؤمنين القادمين من غينيا الاستوائية والذين جاؤوا لمناسبة تبادل وثائق المصادقة على اتفاقية بين الكرسي الرسولي وجمهورية غينيا الاستوائية. لتحفظ العذراء شعبكم الحبيب وتمنحكم النعمة لتتقدموا في درب الوفاق والعدالة! وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لنصلي معًا الآن صلاة التبشير الملائكي ولنطلب بواسطة هذه الصلاة حماية العذراء مريم لعائلات العالم بأسره وخصوصًا تلك التي تعيش ظروفًا صعبة: يا مريم يا سلطانة العائلة، صلّي لأجلنا!